علياء ناصف تكتب: أنقذونا من هذه العبارات العبثية

علياء ناصف تكتب: أنقذونا من هذه العبارات العبثية


الإثنين، 29 نوفمبر 2010 - 23:58
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
فكرت مليا ومليا فى جملة تتكرر كثيرا على مسامعنا ربما من بعض من حولنا.. ربما فى بعض الأفلام السينمائية والمسلسلات التليفزيونية.. لم أفهم ولم أحاول أن أفهم لماذا أصبحنا نردد كلمات ولا نكتفى فقط بترديدها، إنما ندخلها بمحض إرادتنا فى منظومة العقل الواعى أواللاواعى الذى لا أعرف هل صدق العقل هذا الهراء؟! وإنها لكارثة ما بعدها كارثة أن يكون قد صدق!

"الإنسان بيعيش مرة واحدة".. نعم - أصدقائى- إنها واحدة من تلك الجمل اللعينة بعينها.. نعم هذا هو أقل ما توصف به لأنها تحمل فى جعبتها الكثير والكثير من المهالك والمفاسد والخطايا التى ما بعدها خطايا.

تلك الجملة العبثية التى تنطوى على نوايا الصراع الوحشى والمخططات اللاإنسانية التى ربما ينوى المتشدقون بها عن قصد أن تكون هدفهم الأسمى – عفوا - أقصد الأدنى.. يبدو إذن أنهم لم يعودوا يريدون أن يعرفوا من الدنيا غير الخمسة حروف الأولى منها مع مراعة قلب الياء الأخيرة إلى واو.

نعم البعض يرددها جهلا دون وعى بمهالكها ومفاسدها، ولكن أخشى ما أخشاه أن يكون التكرار هنا من نوع "التكرار اللى بيعلم الشطار" فعندئذ يمكن القول إنه على الدنيا السلام –عفوا - أقصد اللاسلام.

جملة أخرى تنطوى بين حناياها وثنايها على مضامين قريبة النسب والمصاهرة بالجملة السابق ذكرها، وهى "الحق اعيشلى يومين"، ومن أجل هذين اليومين لتذهب الضمائر فى إجازة تقضيها بين أحضان شواطئ البحر الأسود لكى تتلون بسواده، وتظمأ بوفير مياهه.

لن أوصم من يتشدق بتلك الجمل بوصمة عدم التسليم أن هناك بعثا وأن هناك عيشا آخر فى مكان آخر، أو أنه لا يسلم بالآخرة، أو أنه لا يرجو الجنة ولا يأمل فى واحة الخلد التى يرفرف عليها الأمان والارتياح، ولكن أخشى ما أخشاه أن يكون ذلك الرجاء قد ذهب أدراج الرياح.

دعوة – أصدقائى - أن نحذف تلك الجمل العبثية من منظومة الوعى أو اللاوعى، سيان ويتساويان دعوة لأن ندرك أن الحياة أقصر مما نتصور وأنهما فعلا يومان.. بل هما أقصر من ذلك بكثير، ولذلك فهى لا تتحمل أن نخرج منها حاملين معنا أحمال لا طاقة لنا بها.

البعض يرمى من ورائها إلى اللهاث إما وراء المال وإما وراء الأضواء وإما وراء النفوذ.. والبعض أبى إلا وأن يلهث وراء هذا المثلث بأكمله.. مع أن هناك مثلثا آخر هو الذى يجدى العدو وراءه بحق ويثمر مالا عين رأت ولا أذن سمعت.. مثلث الحق والخير والجمال.. مثلث روحانى بديع.. متكامل الأضلاع.. فما الحق غير الخير وما الخير غير الجمال وما الجمال إلا الحق.. الحق أن ندرك بحق أن "الإنسان لا يعيش مرة واحدة".